الترجمة العربية لكتاب "العقل في مواجهة المال: الحرب بين المثقفين والرأسمالية" بقلم ألان سيدني كاهان، آخر إصدارات المركز العربي للأبحاث.
ترجمة: محمد مطيع
مراجعة وتدقيق: عدنان هريوى
على مدار الـ 150 سنة الماضية، عبّر العديد من المثقفين الغربيين عن رفضهم للرأسمالية والرأسماليين. لقد كتبوا روايات وألفوا مسرحيات ونشروا منشورات لتبيان مدى سوء النظام الاقتصادي الذي يعيشون تحت كنفه. اعتُبرت كراهية وازدراء البرجوازية والطبقة الوسطى والصناعة والتجارة شيئاً بارزاً بين كبار الكتاب والفنانين الغربيين. إن كتاب "العقل في مواجهة المال" بمثابة تاريخ تحليلي لكيفية وسبب معاداة مجموعة من المثقفين للرأسمالية. كما يُمثل محاولة تهدف لإيجاد وسيلة للتخفيف من حدة هذا الصراع.
تاريخياً، عبّر هؤلاء المثقفون عن رفضهم للرأسمالية من خلال الانضمام إلى العديد من الحركات المختلفة، بما في ذلك القومية، ومعاداة السامية، والاشتراكية، والفاشية، والشيوعية، والثقافة المضادة. ولا تزال معاداة الرأسمالية تتخذ أشكالاً جديدة في عصرنا الحالي، مثل الحركات المناهضة للعولمة، وحركات الخضر، والجماعاتية، وحركات العصر الجديد. لقد منح المثقفون لهذه الحركات والإيديولوجيات مظاهر القوة، والقيادة، والشرعية، التي كانوا في حاجة لها. لقد وّحد رفض الرأسمالية كلاً من المثقفين الراديكاليين في القرن التاسع عشر، والشيوعيين والفاشيين في القرن العشرين، والمتظاهرين المناهضين للعولمة في القرن الحادي والعشرين، بالإضافة إلى العديد من المثقفين الآخرين. ويبرهن الكاتب كاهان بأن المثقفين هم نخبة منعزلة بشكل دائم في المجتمعات الرأسمالية.
في أشكال لا تعد ولا تحصى، وعلى أصعدة مختلفة، ما زالت الحرب بين العقل والمال مستمرة حتى يومنا هذا. يعتبر العداء لأمريكا معركة من معارك هذه الحرب. فإذا كان يحب الأمريكيون اعتبار بلادهم منارة للحرية والازدهار، فالمثقفون الأوروبيون والأمريكيون يحوّلونها من منارة أخلاقية إلى "الشيطان الأكبر" عندما يتم رَبْطُ أمريكا بالرأسمالية. إنها مجرد قضية من القضايا التي يتطرق إليها كتاب العقل في مواجهة المال. إن الصراع بين العقل والمال هو الصراع الأكبر الذي لم يتم إنهاؤه في المجتمع الحديث. ومن أجل أن نقوم بذلك، يجب أن نقوم بفهم ماهيته أولاً.