logo

logo

نظام الرعاية الاجتماعية 
بين الريع وضرورة الإصلاح

image

عرت أزمة جائحة فيروس كورونا عن إشكالية متعمقة في البنيتين الاقتصادية والاجتماعية للمغرب. فلطالما تعالت الأصوات والاحتجاجات في صفوف الأجراء وعموم المواطنين حول الاختلالات المرصودة بخصوص الانخراط في نظام التغطية الاجتماعية (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي) ونظام المساعدة الطبية (الراميد)، حيث يعمد الكثير من المشغلين إلى عدم التصريح بكل المشتغلين في إطار مقاولاتهم، أو التصريح الكاذب لتخفيف النفقات المرتبطة المساهمات في أنظمة التغطية الاجتماعية الإجبارية. فيما يعرف نظام المساعدة الطبية الموجه أساسا للفئات الهشة من غير المنخرطين في مختلف أنظمة التغطية الصحية انخراط فئات ميسورة بغاية الاستفادة من مجانية الخدمات الصحية العمومية. ومع إطلاق تنزيل إجراءات الدعم الممنوح للفئات المتضررة من توقف النشاط الاقتصادي المرتبط بآثار أزمة كورونا، انكشف الوجه المستتر من أزمة الأنظمة الاجتماعية، ووجد الكثيرون أنفسهم خارج قوائم المؤمنين والمستفيدين، وذهب جزء من التعويضات لغير مستحقيها مما يكرس أزمة مرتبطة بالبنى الريعية للنسيج الاقتصادي والاجتماعي المغربي. وطالت الاتهامات وزراء ممارسين وعدد كبير من المقاولات وتم استغلال الأزمة لتصفية حسابات سياسوية ضيقة ركزت على الشجرة البارزة بينما تناسى الجميع غابة الفساد الممتدة والمتوحشة. ومن أجل الخروج من هذه المقاربة التسطيحية، وجب بسط الإشكال المطروح بطريقة علمية، والاستعانة بالأرقام التي تعكس حجمه ومدى تأثيره على المواطنين المغاربة.
لقد بلغ مجموع السكان النشيطون 12.08 مليون نسمة حسب إحصاءات المندوبية السامية للتخطيط برسم سنة 2019 بمعدل نشاط 45.8%، بينما يصل عدد العاطلين إلى 1.1 مليون شخص نهاية نفس السنة بمعدل بطالة 9.2%. وبإلقاء نظرة على الإحصائيات الرسمية لصندوق الضمان الاجتماعي، يبلغ عدد المنخرطين في الصندوق 3.54 مليون أجير يمثلون 29.3% من مجموع الساكنة النشيطة، إذا أضفنا إليهم 564.549 موظفا مدنيا (تقرير الموارد البشرية للوظيفة العمومية الصادر عن وزارة الاقتصاد والمالية 2019) و210 آلاف عسكري نشيط (بحسب تقرير كلوبال فاير باور 2020) من الخاضعين لنظام تغطية منظمات الاحتياط الاجتماعي العمومية، نتساءل عن التغطية الاجتماعية للفئة المتبقية من الساكنة النشيطة التي تتجاوز 7.7 مليون نسمة، وعن قدرة منظومة المساعدة الطبية راميد عن استيعاب هذا الكم الهائل من جهة، وعن أحقية جزء منها في الاستفادة من هذا النظام. ولعل التبرير الذي قد يقدمه البعض لتفسير هذا الوضع غير الطبيعي هو مستوى الأنشطة الاقتصادية غير المهيكلة في البنية الاقتصادية المغربية، والتي قدرها بنك المغرب في تقريره السنوي 2018 بنسبة 31% من مجموع الناتج الداخلي الخام، لكننا نستدرك ونقارن هذه النسبة مع نسبة 63.7% من الساكنة النشيطة المتواجدة خارج أنظمة التغطية الاجتماعية.

 

ياسين اعليا | باحث في الاقتصاد والسياسات العمومية،
 جامعة ابن طفيل.