يعد فيروس كورونا المستجد من بين أكثر الأوبئة التي شهدها العالم انتشارا، حيث صنف يوم 11 مارس من هذه السنة كجائحة عالمية حسب منظمة الصحة العالمية فقد حصد أرواح مئات الآلاف من البشر وملايين المصابين مما أدى إلى إعلان حالة الطوارئ ودعوة الشعوب للالتزام بالحجر الصحي والتباعد الاجتماعي، الشيء الذي تسبب في شلل اقتصادي لم يشهد له مثيل ضرب كل من القطاعات الصناعية والتجارية والسياحية وقطاع النقل والخدمات و غيرها. كما توقفت جميع التحركات الدولية وتعلقت الرحلات وتباعد الأفراد. مما لا شك فيه أن ظهور وباء كورونا وانتشاره السريع في مختلف دول العالم سيترك أثارا عميقة على مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية وكدا الصحية ليس على المدى القريب فحسب بل وأيضا على المدى البعيد. حتى انه تم إحداث تغييرات وتعديلات في السياسات الاقتصادية لمعظم البلدان بحيث اختلفت وتباينت طرق مواجهته والتصدي له من دولة إلى أخرى باعتمادها تدابير وإجراءات متفاوتة كل حسب إمكانياته. سنتطرق في مقالنا هذا لأبرز السياسات الاقتصادية التي نهجتها دول المغرب الثلاث (المغرب/الجزائر/ تونس)
المغرب: دعم القطاع غير المهيكل كأولوية للتخفيف من تداعيات كورونا الاقتصادية و الاجتماعية
مع تزامن الجائحة والجفاف شهد المغرب تدهورا اقتصاديا غير مسبوق إذ انه من المتوقع وبحسب ما جاءت به المندوبية السامية للتخطيط إن النمو الاقتصادي سينكمش بتسع نقاط. فالدولة المغربية تخسر ما قيمته مليار درهم بسبب الحجر الصحي. إضافة إلى هذا العجز المطري الذي عرفته البلاد- بنسبة 46 بالمائة مقارنة بالسنوات الفارطة فإنه من المنتظر أن يبلغ المحصول هذا العام 30 مليون طن وهو أدنى مستوى يتم تسجيله منذ سنوات، بحيث تعد الفلاحة من أهم القطاعات التي يعتمد عليها اقتصاد المغرب فهي تشكل نسبة مهمة من ناتجه الداخلي، وتساهم بشكل كبير في ارتفاع أو انخفاض معدل النمو الاقتصادي، زيادة على هذا فان إغلاق الحدود أثر بشكل كبير على القطاع السياحي * الذي يعتبر موردا مهما. بغض النظر عن الضرر الذي لحق بجميع القطاعات فالقطاع الغير المهيكل عانى وبشكل مباشر من هذه الأزمة إذ يمثل 20 بالمائة من الاقتصاد الوطني و 75 بالمائة من اليد العاملة النشيطة مما يخلف انعكاسات اقتصادية و اجتماعية بالدرجة الأولى. وكذلك تشهد البلاد تراجعا للصادرات مع استقرار الواردات مما سيعمق أزمة الميزان التجاري الخارجي. تحت ضغط أزمة كورونا اقترض المغرب 3 مليارات من صندوق النقد الدولي.
أما في إطار الجهود المبذولة للتصدي لهذه الجائحة أصدرت الحكومة يوم 17 مارس من العام الجاري مرسوما يقضي بإحداث صندوق خاص لتدبير الجائحة والتخفيف من تداعياتها و ذلك تنفيذا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس بحيث رصد فيه غلاف مالي قدره 10 مليارات درهم من ميزانية الدولة و مليار درهم من صندوق الحسن الثاني بالإضافة إلى مساهمة العديد من الهيئات و المؤسسات و كذا تبرعات المواطنين، و بهذا فإن صندوق تدبير الجائحة خصص من أجل توفير البنيات الملائمة و الوسائل و المعدات اللازمة لعلاج الأشخاص المصابين بالفيروس في أحسن الظروف. وكذلك من اجل دعم الاقتصاد الوطني من خلال مجموعة من الإجراءات والتدابير التي تتخذها لجنة اليقظة الاقتصادية منذ اجتماعها الأول الذي انعقد يوم الاثنين 16 مارس إلى حيننا هذا. فمن بين أولى التدابير المتخذة تعليق المساهمات الاجتماعية وكذا تأجيل سداد القروض البنكية بالنسبة للمقاولات بدون أداء رسوم أو غرامات كما يمكن الاستفادة من تأجيل وضع التصريحات الضريبية بالنسبة للمقاولات التي يقل رقم معاملاتها عن 20 مليون درهم. كما استفادت المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة التي يتراوح رقم معاملاتها بين 200 و 500 مليون درهم و التي تأثرت بالأزمة من قرض استثنائي "ضمان أكسجين" لتغطية حاجياتها. بحيث استفاد المأجورين المصرح بهم لدى صندوق الوطني للضمان الاجتماعي والمتوقفين عن العمل من تعويض مالي قدره 2000 درهم كذلك استفادوا من تأجيل سداد القروض البنكية إلى غاية 30 يونيو2020.
أما فيما يخص الأسر العاملة في القطاع غير المهيكل فإنها تستفيد من الدعم المؤقت الذي يمنحه صندوق تدبير الجائحة بمبلغ شهري يتراوح من 800 درهم بالنسبة للأسرة المكونة من فرد أو فردين إلى 1200 درهم بالنسبة للأسرة التي يصل عددها إلى أربعة أفراد.
أميمة الهارم | حاصلة على ماستر في التدبير الاستراتيجي للمقاولات.