logo

logo

الأبناك التشاركية بالمغرب بين أزمة التمويل و أزمة الجائحة

image

البنوك التشاركية : مأزق الجائحة :

يواجه العالم في الوقت الراهن اضطرابات اقتصادية أشد حدة على الأرجح مما شهده أثناء الأزمة المالية العالمية لسنة 2008. فقد أحدثت جائحة فيروس كورونا صدمة ذات طابع مختلف ذلك أنه لم يسبق للاقتصادات الحديثة أن أوقفت نشاطها دون سابق إنذار. حيث يعاني المستهلكون ومؤسسات الأعمال في الوقت الراهن من خسائر فادحة في الدخل     مع احتمالات ظهور حالات إفلاس واسعة النطاق. وبالرغم من أن العالم العربي لم يكن مهدا لجائحة، فيروس كورونا إلا أن بلدانه لم تسلم من آثاره الاقتصادية  خصوصا على مستوى الأنشطة المالية والمصرفية .

ففي المغرب على سبيل المثال لا الحصر عجزت مجموعة من المقاولات والافراد عن سداد ديونها نتيجة الحجر الصحي الذي فرض توقف ديناميكية الحياة مما أدى الى شلل القطاع المصرفي بشكل عام. وبدأت المشكلة مع سريان حالة الطوارئ الصحية التي فرضت على مجموعة من المقاولات تقليص أنشطتها والدخول في أزمات مالية نتيجة الأعباء المتراكمة عليها، لتصبح تسهيلات الأبناك إحدى المنافذ المأمولة لتجاوز المأزق، لكن وعلى عكس المتوقع وجد أرباب تلك المقاولات أنفسهم داخل متاهة جديدة موصومة بتعقيد المساطر وتشديد الإجراءات البيروقراطية، بل وفي أحيان كثيرة رفض منح القروض بسبب تخوف البنوك من حالات الافلاس المتوقعة. 

القطاع البنكي التشاركي بالمغرب وعلى الرغم من تواضع مساهمته في الاقتصاد المغربي إلا انه كان الاكثر تأثرا بنتائج هذه الازمة. هذا القطاع يعاني بشكل مزدوج من مجموعة، من الاكراهات، جزء منها مشترك مع القطاع البنكي بصفة عامة نتيجة الحجر الصحي والازمة الاقتصادية وجزء منها يتعلق بالهشاشة البنيوية للمصارف التشاركية بالمغرب خصوصا أنها لا زالت في سنواتها الاولى ولا زالت تخطو باستحياء في سوق المنافسة البنكية بالمغرب حيث أن هشاشة القطاع وعدم توفره على القدر الكافي من الودائع المالية التي من شانها تعزيز سيولته الداخلية وكذا غياب التأمين التكافلي الذي يخفف من حده المخاطر المالية جعلت هذه المؤسسات على وشك إجهاض معاملاتها خلال هده الفترة الحرجة.  فبعد سنتين ونصف من انطلاق عملها في المغرب لم يبلغ إجمالي الودائع تحت الطلب لدى البنوك التشاركية سوى مليارين و 500 مليون درهم و هو ما يمثل واحد في المئة 1%  من مجموع الودائع البنكية بالمغرب و هي حصيلة غير مشجعة ساهمت في عجز المؤسسات التشاركية عن تغطية حاجيات زبنائها إبان  هذه الأزمة الاقتصادية الحرجة خصوصا أن ما يناهز 30% من المقاولات الصغيرة و المتوسطة لا تتعامل مع الأبناك التقليدية و تعول على خدمات المؤسسات التشاركية.

 

ليلى اللوماني | دكتورة وأستاذة باحثة في علم الاقتصاد.