بعد تفشي شرارة الفيروس كوفيد 19 بمدينة ووهان الصينية انتشر الوباء في بقاع العالم انتشار النار في الهشيم حيث تخطى عدد المصابين في العالم إلى حدود اللحظة سقف المليون شخص وعدد الوفيات المائة وتلاثين ألفا. ولازالت رقعة الوباء في انتشار متجاوزة الحدود، مُتحدية كل الإجراءات الاحترازية والوقائية المتخذة من كل دول العالم ومنتجةً أسوأ أزمةٍ دولية منذ الحرب العالمية الثانية بتعبير أنطونيو غوريتش الأمين العام للأمم المتحدة، معتبرًا إياها أزمة صحية تمثل تهديداً للجميع، مسببةً كذلك أزمة اقتصادية ستؤدي إلى ركود لم يرى العالم له مثيل في الماضي القريب.
وبما أن المصائب لا تأتي فُرَادى فإن هذه الأزمة لم تقتصر ة فقط على إحداث خسائر في الأرواح بل تجاوزت ذلك لتقوض ركائز الاقتصاد العالمي، بل مهددة النظام العالمي ومقوماته التي عهدناها لتجعل العالم بعد كورونا مختلفاً عما كان قبله، كما أجمع على ذلك العديد من الخبراء والمفكرين في تقريرٍ نشرته المجلة الامريكية "فورين بوليسي".
"الأسوأ لم يأتي بعد!" هذا ما أكده مجموعة من قادة الدول الكبرى مستشرفين أياماً ثِقال ستشهدها بلدانهم بل العالم معهم. اختلفت الوسائل والإجراءات والسياسات لكن الغاية تبقى واحدة وهي التصدي للجائحة، وتبقى مسيرة اكتشاف اللقاح مسيرةً لن تكون قصيرةً وهينة على دول العالم وبوادر الأزمة ألقت بظلالها على
الاقتصاد العالمي حيث توقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 3.0 في المائة.
ومع مرور الأيام واستفحال الجائحة يتبين للعالم أن الوباء المستجد سيكون محطة فاصلة ومنعطفاً في تاريخ البشرية شبيها بأحداث عظام أعادت تشكيل النظام السياسي والاقتصادي العالمي كحدث سقوط جدار برلين وانهيار بنك ليمان براذرز...، ومع كل هذه التداعيات والتبعات تُطرح مجموعة من الأسئلة والإشكالات. المرتبطة بعالم ما بعد كورونا متعلقة بملامح النظام الدولي وكذا شكل النمط الاقتصادي. فهل تحمل أزمة الفيروس التاجي في ثناياها بذور نظام عالمي جديد؟ هل ستحتفظ الولايات المتحدة الأمريكية بدفة القيادة أم ستتحول شرقاً؟ ما هي آثار الأزمة سياسيا؟
منير غاوت | طالب باحث ومنسق الأنشطة الطلابية بالمركز العربي للأبحاث.