يتذمر الكثيرون حالياً من الارتفاع الكبير والمفاجئ لأسعار المعقمات والكمامات الواقية من عدوى فيروس كورونا المستجد، ولا يقتصر الارتفاع في الأسعار على تلك السلع فقط، بل تجاوزها ليطال أيضاً جُل المواد الغذائية. وإذ يجد المواطن نفسه محاصراً بين مطرقة الفيروس وسندان ارتفاع الأسعار، يتساءل حائراً عن سبب هذا الوضع، فيستسلم للإجابات البعيدة عن التحليل السليم للأحداث.
ماهية الأسعار وحرية الأسواق
لفهم تقلبات الأسعار يجب أن نتطرق ليمكانيزمات تَشكُلِها. وبعيدا عن الطفرات التي تتمثل في الاحتكارات المصطنعة التي تنتج عن محاباة الحكام وصناع القرار، نرتكز في تحليلنا على فرضية كون السوق سوقاً حراً لا تتحكم فيه أية جهة من الجهات، بل هو سوق تنافسي يضمن حرية الدخول إليه والخروج منه سواء تعلق الأمر بالمنتجين أو المستهلكين.
والمقصود بحرية السوق كونه تنافسياً، يتم فيه تبادل السلع والخدمات بشكل طوعي. يخضع السوق لقانون طبيعي ينَتج عنه تشكُل الأسعار، فهي تارة ترتفع وتارة تنخفض دونما تدخل من الحكومات التي قد تُحددها سلفاً.
العرض الطلب وتشكل الأسعار
يُمثل السِعر ذلك المبلغ أو التعويض الذي يمنحه المشتري للبائع مقابل حصوله على وحدة من السلعة أو الخدمة التي استفاد منها. هناك طرفان إذن يستفيدان كلٌ على قدرِ احتياجاته وقُدُراته. فالسعر إذن ما هو إلا تعبير عن عملية تبادل بين طرفين، قد يُعبر عنه بعملةٍ معينة، أو ببدائل أخرى قد تكون عينية من قبيل الجلود، السجائر، الملح،... أو أي شيء آخر ذي قيمة ويقبله البائع.
ومن زاوية أوسع، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار جميع الفاعلين، فإن تشكل الأسعار يتوقف على التقاء العرض والطلب.
والمقصود بالعرض تلك العلاقة بين أسعار افتراضية لسلعة أو خدمة ما، وإجمالي عدد الوحدات التي يرغب المنتجون في بيعها عند كل سعر افتراضي.
أما الطلب فهو العلاقة بين عدة أسعار افتراضية لسلعة أو خدمة ما، وإجمالي عدد الوحدات التي يرغب المستهلكون في شرائها عند كل سعر افتراضي.
فكل من العرض والطلب ما هو إلا تعبير عن علاقة بين عدة أرقام ومن الممكن أن تتذبذب هذه العلاقة بسبب عوامل عدة، قد تكون مناخية، أو لها علاقة بالثقافة، أو الأذواق، أو الحالات الصحية والنفسية،كما قد تكون لها علاقة بالأوضاع الأمنية والسياسية.
ومنه نستنتج أن السوق يعرف تفاعلات من العرض من جهة والطلب من جهة أخرى ليُخلَق مؤشر يتمثل في سعر التوازن equilibrium price إنه سعر السوق الذي يُحقق التساوي بين الكميات المعروضة والكميات المطلوبة.
د. مازن ديروان | رجل أعمال و صناعي حاصل على شهادة دكتوراه في إدارة الأعمال من الولايات المتحدة الأمريكية.