اختتمت بمدينة مراكش أمس الأربعاء الدورة الثانية من أكاديمية ابن رشد التي انعقدت على امتداد يومين. الدورة التي عرفت حضور ممثلين عن المجتمع المدني بكل من تونس، مصر، لبنان، موريطانيا، المغرب وسوريا، تأتي في سياق سلسلة من الدورات التكوينية التي ينظمها المركز العلمي العربي لفائدة فعاليات مدنية وسياسية عربية. وشارك في تنشيطها كل من الباحث السوري مازن ديروان والاقتصادي المصري علي مسعود، ومن المغرب الاقتصادي نوح الهرموزي والباحثتان إكرام عدنني وسعاد عدنان.
ومن جهته، اعتبر نوح الهرموزي أن هناك عدد من التحديات والصعوبات تواجه مسلسل الديمقراطية والحرية في العالم العربي سواء بعد الربيع العربي أو قبله وتواجهه تحديات جمة. وعزا ذات المتحدث ذلك إلى ما سماه البيئة الحاضنة المتسمة بسيادة ثقافة الإقصاء السياسي والاجتماعي. واستعرض في السياق ذاته عددا من تجارب الانتقال الديمقراطي الإنسانية حيث شهدت مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية 88 انتقالا ديمقراطي. بيد أن 19 تحولا ديمقراطيا فقط جاء بفضل ثورات و69 تحول نحو الديمقراطية جاء تتويجا لمفاوضات وإصلاح سياسي تدريجي بين الحزب الحاكم وقوات الجيش والمعارضة. لأن الانتقالات الديمقراطية ليست ناتجة بالضرورة عن الانتفاضات الجماهيرية والثورات بل هي نتاج صراعات طويلة لتكريس قيم الحرية والمسوؤلية على كافة الأصعدة وخاصة ما يرتبط منها بالإعلاء من قيمة الفرد وتكون النظم السياسية وترشيد ممارسة السلطة والعمل على تداولها بشكل سليم من خلال الانتخابات وسيادة القانون ولكن في إطار من القواعد التي تضمن الحريات" يقول ذات المتحدث.
من جهة أخرى، تناول الباحث عزيز مشواط بعض إشكاليات المنهج في علم الاجتماعي متوقفا عند ما سماه البراديغم الشمولي والبراديغم الفرداني في علم الاجتماع. وقال مشواط أن هذان النموذجان يمتحان من تصورات مختلفة عن دور الإنسان والفرد، مشيرا إلى أن الأول يلغي الحرية الفردية ويعتبر الإنسان مجرد خاضع للحتميات والبنى الاجتماعية في حين يرمي الثاني إلى الاهتمام بالمعنى الذي يعطيه الفرد لسلوكه حيث أن الوحدة الأساسية للتحليل داخل التصور الفرداني هي الفرد، وأن الظواهر الاجتماعية ليست في النهاية سوى تجميع للأفعال الفردية باعتبار الفرد كائنا عقلانيا يتجه دائما لتسخير إمكانياته من أجل ملاءمة الوسائل مع الإمكانيات ضمن السياقات المتاحة.
وأطر الباحث السوري مازن ديروان ورشة حول عملية حول تصميم الاستراتيجيات التسويقية لمؤسسات المجتمع المدني حيث اعتبر أن نجاح منظمات المجتمع المدني في تحولها إلى فاعل أساسي يقتضي امتلاكها آليات التسويق. واعتبر في السياق ذاته أن تسويق البرامج والخطط والأفكار يخضع علميا لنفس المبادئ والتوجهات التي يخضع لها تسويق المنتوجات. وأضاف أن التموقع الناجح والوعي بالإمكانيات والفرص مهم جدا بالنسبة لنجاح منظمات المجتمع المدني في ضمان حضورها القوي وفعالياتها.
ومن جهتها، قاربت الباحثة إكرام عدنني النظم الانتخابية والمشاركة السياسية حيث توقفت بالتحليل والدرس على مكامن الخلل في بعض الأنظمة الانتخابية العربية، وركزت بالخصوص على استمرارية الطائفية والقبلية ببعض الدول العربية. وأشارت الباحثة إلى أن الوضعية الانتقالية التي يعيشها العالم العربي تطرح بحدة ضرورة الالتفات إلى المشاركة السياسية وخاصة بالنسبة للشباب حيث لا تعني المشاركة السياسية مجرد التصويت والترشح بل تشمل كافة الأشكال الأخرى من قبيل التظاهر والمساهمة في الحياة العامة.
وفي سياق آخر، توقف الاقتصادي المصري علي مسعود عند المفاهيم الأساسية للموازنات وكيف يمكن للموازنات العامة أن تعكس التوجه نحو الحريات السياسية والديمقراطية فى العالم العربى. وفي ورشة تدريبية حول كتابة أوراق السياسات العمومية، استعرضت الباحثة سعاد عدنان عددا من التقنيات التي من الضروري استحضارها عند كتابة أوراق السياسات العمومية من قبيل وضوح المنهجية والتسلسل المنطقي بين الإشكاليات والقضايا المطروحة والبدائل المقترحة مع التزام الموضوعية والحياد.