هل يستطيع الأكاديميون فتح كوة الإصلاح في الملفات الساخنة التي لم يستطع السياسيون الحسم فيها؟ وهل يستطيع الفاعل الأكاديمي تقديم البدائل الممكنة في الوقت الذي يعاني فيه مسار إصلاح أنطمة التقاعد، والضريبة والمقاصة من مأزق الباب المسدود؟ للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها تأتي فعاليات النسخة الأولى من مشتل أفكار الإصلاح التي انعقدت ما بين 03 و05 أبريل الجاري بفندق ضاية الرومي بشراكة بين مشروع منبر الحرية ومؤسسة هانس سايدل الألمانية. وحسب المنظمين، فقد أصدر المشاركون مجموعة من التوصيات موجهة للمسؤولين والباحثين سيتم نشرها ضمن تقرير علمي خلال هذا العام. التجمع العلمي الذي حضره ثمانية عشر اقتصاديا، ينتمون لمختلف المعاهد والجامعات المغربية، توقف عند ثلاثة أوراش إصلاحية كبرى ينتظر المغرب الحسم فيها وتحظى بأهمية قصوى نظرا لحساسيتها السياسية والاجتماعية : صندوق المقاصة والنظام الضريبي ونظام التقاعد. وعلى امتداد يومين من النقاش المستفيض، عزا الباحثون التأخر في إصلاح صندوق المقاصة إلى غياب سياسات تقويمية لسياسات المقاصة بالرغم من كل المراحل الذي قطعها الصندوق منذ تأسيسه عام 1940. وحول طرق الإصلاح الممكنة ركز المتدخلون على ضرورة انسجام الإصلاح مع السياسات العمومية في شموليتها مع مرافقة ذلك بإصلاح ضريبي بالإضافة إلى تخفيف كلفة الطاقة من خلال الاستثمار في الطاقات المتجددة مما سيرفع الأعباء عن صندوق المقاصة الذي يستهلك دعم الطاقة جزءا كبيرا منه. ومن جهة أخرى احتل إصلاح أنظمة التقاعد حيزا هاما من النقاش حيث ربط الباحثون الوضعية التي تعيشها صناديق التقاعد بتعدد الأنظمة، وعدم وفاء المساهمين بالتزاماتهم، فيما أرجع آخرون الأزمة إلى العامل الديمغرافي. أما العوامل الاقتصادية فيتصدرها سخاء الأنظمة ونقص الحكامة. ومن جهة أخرى، ربط الباحثون إصلاح النظام الضريبي بإصلاح هياكل الدولة وتقوية التنسيق بين مختلف الإدارات والمؤسسات الضريبية مع ضرورة التخفيف من الثقل الضريبي ورغم تعدد مقاربة الفاعلين سواء في تشخيص الأزمة أو في سبل معالجتها إلا أنهم توافقوا على استعجالية الإصلاحات، وعلى إفلاس مجموعة من السياسات العمومية التي تم انتهاجها في الماضي. يذكر أن منبر الحرية مشروع تعليمي يهدف إلى تقديم أدبيات الحرية الاقتصادية والسياسية والأفكار والدراسات المتعلقة بها لصنّاع القرار وكل من يعنى بالحرية في العالم العربي من الطلبة والمثقفين والمؤسسات العلمية والأكاديمية وينظم عدة أنشطة علمية وأكاديمية وجامعات صيفية وندوات دراسية وحلقات نقاش للحديث حول أهم قضايا الساعة في المجتمعات العربية.